بدأ تنـ*ـظيم الدو*لة الإسلا*مية مؤخراً بالنشاط في مناطق مختلفة من سوريا والعراق، وشـ*ـن هجـ*ـمات دا*مية في كل من الرقة بشمال وشرق سوريا، وفي البادية السورية حيث سيطرة قوات الحكومة السورية والمجمو*عات الإيرانية، إضافة إلى هجمات في كركوك وديالى، فهل عاد التنـ*ـظيم ومن هو المستفيد من ذلك؟
وبدأت خلايا تنظيم الدولة الإسلامية تتنشط مؤخراً وتشن الهجمات بين الحين والآخر، حيث ازدادت هجمات التنظيم في شهر كانون الأول الجاري في مناطق واسعة من سوريا والعراق.
إذ شنت خلايا التنظيم في الـ26 من كانون الأول الجاري، هجوماً على مركز الدرعية لقوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا ومركز احتجاز يحتجز فيه نحو 200 معتقل من عناصر التنظيم في مدينة الرقة التي كانت تعرف سابقاً بعاصمة الخلافة.
وتسبب الهجوم بفقدان 4 عناصر من قوى الأمن الداخلي واثنين من قوات سوريا الديمقراطية، ففي البداية شن مسلح هجوماً على حراس البوابة أتبعه هجوم انتحاري، حيث تم أحد المهاجمين من تفجير نفسه، في حين تم إلقاء القبض على الآخر، فيما فر آخرون واختبئوا في المنطقة القريبة من مكان الهجوم.
وعلى إثر ذلك، أعلنت قوى الأمن الداخلي فرض حظر تجوال كلي في المدينة والبدء بعملية بحث وتمشيط واسعة ما تزال مستمرة حتى هذه اللحظة، بحثاً عن الفارين والذين ساعدوا خلايا التنظيم في شن الهجوم وإيوائهم.
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الحكومة السورية، شن عناصر التنظيم نحو 12 هجوماً على قوات الحكومة السورية والمجموعات التابعة لها والمجموعات الإيرانية، خلفت نحو 40 قتيلاً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ولم يقتصر نشاط التنظيم على سوريا، بل نشط في شهر كانون الأول في العديد من المناطق العراقية، حيث شنت خلايا التنظيم هجمات على الشرطة العراقية في كركوك وديالي وصلاح الدين، اسفر أحد الهجمات في كركوك عن مقتل 9 من رجال الشرطة.
وبدأ التنظيم عام 2022 بشن هجوم على سجن الصناعة في مدينة الحسكة الذي يضم الآلاف من معتقلي التنظيم وأراد اختتام العام بهجوم على مركز احتجاز في مدينة الرقة.
واستراتيجية شن الهجمات على السجون لتحرير العناصر هي استراتيجية قديمة اطلق عليها التنظيم “هدم الأسوار” في خطاباته، منذ أبي مصعب الزرقاوي الذي أسس جماعة التوحيد والجهاد التي كانت النواة لتأسيس تنظيم الدولة الإسلامية وحتى أبي الحسن القريشي القائد السابق للتنظيم الذي قتل قبل شهرين في درعا السورية.
وبدأ التنظيم في تطبيق تلك الإستراتيجية عام 2004 مع قيام أبي أنس الشامي بمحاولة استهداف سجن أبو غريب في العراق، غير أنَّها أتت ثمارها في عام 2013 مع نجاحه في اقتحام عدد من السجون العراقية وإطلاق سراح نحو (600) عنصر من التنظيم ممَّن انتقلوا إلى سوريا وعزَّزوا من نشاط التنظيم على الساحتين العراقية والسورية.
ومنذ القضاء عليه جغرافياً في الباغوز في ربيع عام 2019، تصاعد خطاب التنظيم المحفز على تهريب المعتقلين من السجون وبرز ذلك في خطاب أبي بكر البغدادي في أيلول 2019، والذي جاء تحت عنوان «وقل اعملوا»، إذ طالب أنصاره بالهجوم على السجون لإطلاق سراح أتباعه، وإنقاذ عناصره وعائلاتهم.
واستمر ذلك مع أبو إبراهيم القرشي وأبو الحسن القريشي
وعموماً، اشتدت تحركات تنظيم الدولة الإسلامية لإطلاق سراح المعتقلين في السنوات الثلاث الماضية. حيث شن هجمات على سجن ننغرهار في أفغانستان (آب 2020)، وسجن كانجباي في الكونغو الديمقراطية (تشرين الأول 2020) وسجن الصناعة بالحسكة السورية (كانون الثاني 2022)، وسجن كوجي في العاصمة النيجيرية أبوجا (تموز 2022)، وكان آخرها الهجوم على الرقة.
ولذلك يرى المختصون في مجال مكافحة الإرهاب بأن التنظيم يحاول العودة من جديد مع توفر الظروف المناسبة، من حيث تأزم الأوضاع في المنطقة وتدهور الوضع الاقتصادي، وعدم حل الأزمة السورية والمعضلات التي واجهت تشكيل الحكومة العراقية، والفقر السائد في هذه المناطق وكذلك في أفريقيا.
علاوة على سعي بعض الأطراف الدولية والإقليمية إعادة إحياء التنظيم للاستفادة منه في تطبيق مخططاتها بالمنطقة، حيث يأتي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أول الداعمين للتنظيم كونه استخدم التنظيم كحجة للسيطرة على الأراضي السورية ويريد الاستمرار في هذا المخطط فيما لو تمكن التنظيم من السيطرة على مناطق جديدة.
وسبق أن سيطرت تركيا خلال ساعتين على مدينة جرابلس عام 2016 من التنظيم، والمعروف أن التنظيم في ذلك الوقت ما كان ليتخلى عن المدينة لأشهر مستمرة، فبعضة عشرات من عناصر التنظيم الأجانب رفضوا تسليم مدينة الباب لتركيا والانضمام للمجموعات التي شكلتها تركيا في سوريا بأسماء إسلامية وسلاطين عثمانية، لذلك استغرقت تركيا أشهراً حتى استطاعت السيطرة عليها رغم أن عدد عناصر التنظيم الذين رفضوا تسليم المدينة للأتراك كان قليلاً جداً، فما بالك لو أراد التنظيم أن يقاتل بكل قوته.
والدلالة على السعي التركي للاستفادة من التنظيم، هو تحويله المناطق التي يسيطر عليها في الشمال السوري، إلى منطقة آمنة للتنظيم، فأبو بكر البغدادي وكذلك أبو إبراهيم القرشي قتلا في عمليات للتحالف الدولي بالقرب من نقاط مراقبة تركية، وهذا يعني أن تركيا كانت تتولى مهمة تأمين الحماية لهم. كما قتل العديد من قيادات الصف الأول للتنظيم في تلك المناطق مثل ماهر العقال أحد أبرز قيادات التنظيم في سوريا وغيره الكثير من القيادات الذين قتلوا إما في جرابلس أو الباب أو بلدة سلوك التابعة لمدينة تل أبيض.
والملفت للانتباه أن زيادة هجمات التنظيم تأتي بالتزامن مع الهجمات التي تشنها تركيا على مناطق شمال وشرق سوريا جوياً، واستهدافها للقيادات التي حاربت التنظيم وساعدت في القضاء عليه، حتى أن تركيا قصفت في شهر تشرين الثاني الماضي موقعاً مشتركاً بين التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية يدير عمليات ملاحقة خلايا التنظيم في المنطقة.
وعلى الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية قد فقد زخمه، لكن خطره ما زال قائماً في ظل الدعم التركي اللامحدود له، وكذلك لتواجد الآلاف من عناصره في السجون وعشرات الآلاف من أطفال ونساء عناصره في المخيمات، فالأطفال الذين كانوا بعمر 10 سنوات باتت الآن أعمارهم 14 عاماً وتتولى نساء عناصر التنظيم تلقينهم في المخيمات على فكر التنظيم، وهو ما يشكل تحدياً وخطراً على العالم وليس سوريا والعراق وحدهما.