تواجه مناطق الحكومة السورية أزمة اقتصادية غير مسبوقة، هناك نقص حاد في الوقود ما أدى إلى مشاكل في جميع القطاعات الحكومية والمدنية، وصلت إلى تعطيل بعض مؤسسات الحكومة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين تذهب الـ 80 ألف برميل من النفط المنتج يومياً في مناطق الحكومة السورية؟
وتعيش مناطق الحكومة السورية شللاً تاماً وتوقفاً للحركة بسبب فقدان المحروقات، فـ 50 % من أفران دمشق توقفت عن العمل بسبب نفاذ المازوت، كما بدأت بعض مؤسسات الحكومة بتخفيض عدد الموظفين المداومين، لتقليل النفقات، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير وخصوصاً القادمة من المحافظات، في وقت ما زال راتب الموظف وسطياً عند 150 ألف ليرة أي بحدود 25 دولاراً.
قبل اندلاع الأزمة في سوريا، في العام 2011، كانت البلاد تنتج نحو 380 ألف برميل من النفط يومياً، وقال رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس في إفادة صحفية أن 50 % من الإنتاج كان يستهلك محلياً والباقي كان يصدر.
وبحسب وزارة النفط في الحكومة السورية، فأن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تنتج حالياً نحو 80 ألف برميل يومياً. كما تمد إيران وروسيا مناطق الحكومة أحياناً بشحنات من النفط.
وقدر عدد سكان سوريا في العام الجاري، بنحو 18.2 مليون نسمة، بحسب إحصائية رسمية للأمم المتحدة، ويعيش نحو 6 مليون في مناطق شمال وشرق سوريا، وما يزيد عن 3 مليون في مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، وهذا يعني أنه يعيش في مناطق الحكومة السورية نحو 8 مليون نسمة.
وبمقارنة هذه الأرقام فأن الـ 80 ألف برميل من النفط المنتجة يومياً في مناطق الحكومة السورية تكفي نسبياً لتغطية احتياجات السكان، ولكن لا أحد يعلم أين يذهب هذا النفط المنتج.
والمعروف أن آبار النفط تخضع لسيطرة مجموعات موالية لروسيا وإيران، وهي التي تتحكم بالنفط المنتج وتبيعه، ولذلك تتوفر المحروقات في السوق السوداء دائماً ولكن بأسعار عالية جداً، فيما لا تتوفر لدى الحكومة.
ويبلغ سعر لتر المازوت نحو 14 ألف ولتر البنزين نحو 20 ألف في السوق السوداء بمناطق الحكومة السورية. ويقول سكان المناطق الحدودية مع لبنان، أن المحروقات تهرب إلى لبنان لبيعها بأسعار مرتفعة، في حين يتم حرمان السوريين منها.
وتسببت أزمة الوقود والاقتصاد عملياً في احتجاجات في محافظة السويداء جنوبي البلاد، حيث جزء كبير من السكان من الطائفة الدرزية. وقتل متظاهر وأصيب 7 آخرون بعد مواجهة القوات الأمنية للمتظاهرين بالرصاص الحي، في حين ترتفع الدعوات لإضراب عام يوم 22 كانون الأول الجاري، وسط خشية الحكومة من اندلاع احتجاجات مماثلة في أجزاء أخرى من البلاد.
ولذلك أشار رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس أن واقع المشتقات النفطية سيكون أفضل في الأسواق المحلية خلال شهر، ملقياً باللوم على ارتفاع أسعار المحروقات إلى ارتفاع الدولار والحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على الحكومة من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي.
وعن سبب رفع أسعار المحروقات من قبل الحكومة مؤخراً، قال عرنوس في إضافة صحفية، أنهم كانوا أمام خيارين إما أن تفقد هذه المواد من الأسواق أو أن يرفعوا سعرها.
ورفعت الحكومة سعر المازوت المدعوم من 500 ليرة للتر إلى 700 ليرة، ومن 2500 إلى 3000 للفعاليات الاقتصادية والمنشآت.
وبدلاً من محاسبة الأطراف التي تقف خلف سرقة النفط المنتج في مناطق سيطرتها، بدأت الحكومة تضيق الخناق أكثر فأكثر على المواطنين، حيث أصبح اقتناء المحروقات من قبل المواطنين جرماً يعاقب عليه المواطن.
وفي هذا السياق عمد عناصر “الجمارك” في كل من المنطقة الصناعية في مدينة حماة، ومنطقة السلمية، خلال الأيام الفائتة إلى توقيف عدد من المدنيين ممن يملكون مولدات تعمل على مادة “البنزين” ومصادرتها”، حيث صادرت 4 مولدات تعود ملكيتها لمواطنين أثناء مرورهم على الحواجز، بتهمة “تهريب المحروقات”، بينما فرضت مبالغ مالية على بعض المواطنين مقابل عدم مصادرة المولدات.