حذر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، من “تداعيات مد*مرة” جراء أي هجو*م بري تركي على مناطق شمال وشرق سوريا، قائلاً إنه سيعيد إحياء “تنـ*ـظيم دا*عش”، وأكد أنهم أنهوا جزءاً من التحقيق في تفجـ*ـير إسطنبول وسيكشفونه إلى الرأي العام قريباً.
وأضاف في مقابلة خاصة مع “الشرق” أنه على الرغم من إعلان الولايات المتحدة وروسيا معارضتهما إقدام تركيا على غزو شمال وشرق سوريا إلا أنه “لا توجد ضمانات تمنع ذلك”، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود “تنسيق عسكري مع القوات الحكومية السورية من أجل ردع مخاطر الاحتلال التركي، انطلاقاً من مبدأ وحدة الأراضي”.
وعبّر عبدي عن تخوفه من إشارات التقارب في العلاقة بين دمشق وأنقرة واحتمالات عودة العلاقات بين البلدين، معتبراً أن “تطبيع العلاقات السورية التركية سيؤدي إلى إشعال الحرب الأهلية السورية مرة أخرى”.
ورأى أن قوات سوريا الديمقراطية “تستطيع أن تكون جزء من المنظومة الدفاعية السورية مستقبلاً”.
وفي ما يلي نص الحوار:
*يقال إنه “في كل تسوية يدفع الكورد الثمن”، ما الذي يجعل قضيتكم بمثابة ورقة في يد الدول تستخدمها لمصالحها ثم ترميها عندما يحين دفع الثمن؟
القضية الكوردية عادلة، وهي على رأس القضايا التي تحتاج إلى تسوية، والكورد بكل الدول المتواجدين فيها واضحون بهذا الخصوص، إذ يرون الحل ضمن حدود الدول المتواجدين فيها ويطالبون بحقوق مضمونة دستورياً. حلّ هذه القضية سيجلب الاستقرار والازدهار للشرق الأوسط.
اليوم، مناطق شمال وشرق سوريا، تمثل نموذجاً قائماً على التشاركية والتعددية والعيش المشترك بشكل يعتمد نظام اللامركزية، وهذا بالضبط ما يثير حفيظة النظام المركزي في سوريا والأنظمة المركزية الأخرى، هذا هو السبب الرئيسي للتصعيد القائم حالياً.
*هل تلقيتم تأكيداً من واشنطن أو موسكو بشأن منع عملية برية تركية؟ وكيف ستتعاملون حال وقوعها؟
المواقف الدولية بخصوص الهجوم التركي تُعلن على ألسنة المسؤولين الأميركيين والروس، وهي مواقف معارضة لأي غزو بري بشكل صريح. وعلى الرغم من ذلك، لا توجد أي ضمانات بمنع حدوث ذلك.
سندافع عن أنفسنا بكل تأكيد وهذا ما قمنا به منذ البداية، إذ دافعنا عن أراضينا وشعبنا ضد الإرهاب، واليوم مستعدون للدفاع عن شعبنا وأرضنا مرة أخرى ضد الاحتلال.
وإذا حدث الغزو البري، فلن يكون ذلك بمصلحة أحد، ذلك أنه سيتسبب في تداعيات مدمرة على الإنجازات التي تحققت ضد إرهاب داعش، والغزو سيكون فرصة ذهبية لتنظيم داعش للنهوض مجدداً، وسيُحدث تبعات كارثية لذلك على الأمن والاستقرار الإقليمي بدون شك، وسيعيد الوضع الأمني بالمنطقة 10 سنوات للخلف حينما كان هذا التنظيم يشكل خطراً حقيقياً على معظم العواصم العربية وقتها.
*التقيتم قبل أيام قائد القوات الروسية في سوريا ألكسندر تشايكو خلال زيارته إلى مطار القامشلي العسكري في الحسكة، ما الذي دار في اللقاء؟
لقائي مع تشايكو لم يحدث في مطار قامشلي العسكري، وأثناء استضافتنا له دار مجمل الحديث بيننا حول سبل وآليات إيقاف التصعيد اللامحدود الحالي، بالإضافة إلى مجابهة أي غزو بري جديد يهدف إلى احتلال المزيد من الأراضي السورية. ماعدا ذلك، لم يكن هناك أي أجندة أخرى تم التباحث حولها.
*هل يوجد اتفاق ضمني بين روسيا وتركيا للضغط على “قسد” للانسحاب من مناطق “كوباني” و”تل رفعت” و”منبج” حتى تعود القوات السورية إليها، تنفيذاً لشروط تركية من أجل تفادي عملية عسكرية؟
لدينا تفاھمات مع السلطات في دمشق، وهناك وحدات من الجيش السوري على الحدود السورية التركية منذ عام 2019. نحن حافظنا على وحدة الأراضي السورية طوال سنوات من خلال محاربتنا للإرهاب، وحماية الحدود الوطنية هي وظيفتنا ووظيفة السلطة في دمشق ولا مشكلة لنا بذلك.
*هل من الممكن أن تُسلموا هذه المناطق؟
نحن لم نستلم هذه المناطق لنسلمها. هذه المناطق حررناها من إرهاب داعش بدماء أبناء وبنات شعبنا. نحن نؤمن بأن الحوار السوري الداخلي أساس لأي حل سياسي وسيؤدي بطبيعة الحال إلى حلّ كافة القضايا العالقة.
*هل هناك إمكانية للتعاون العسكري مع القوات الحكومية السورية لصد هجمات تركيا باستخدام الدفاعات الجوية خاصة أنكم في حاجة على ما يبدو إلى مثل هذا الدعم؟
كما أسلفت سابقاً، مهمة الدفاع عن الأراضي السورية مهمة الجميع، ولا مشكلة لدينا بالتعاون والعمل مع أي طرف سوري غيور على حرمة أراضي سوريا. والتنسيق العسكري مع الجيش السوري هدفه ردع مخاطر الاحتلال التركي. إننا نؤمن بأن السوريين يجب أن يتحدوا في مواجهة الاحتلال الخارجي انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على وحدة أراضي البلاد.
*كيف تنظرون إلى احتمالات إصلاح العلاقات التركية السورية في ظل وجود خلافات أساساً بينكم وبين الحكومة السورية؟
العلاقات الأمنية بين دمشق وأنقرة شهدت مداً وجزراً طيلة سنوات الأزمة السورية. لكن التطبيع سيؤدي إلى إشعال الحرب الأهلية مرة أخرى، وستعود سوريا إلى فوضى بدايات الأزمة. كما أن هكذا تغيير ستستفيد منه التنظيمات المتطرفة، وستكون له انعكاسات سلبية بكل تأكيد، حيث سيبعد سوريا عن التسوية السياسية ما يعني إطالة معاناة السوريين أكثر.
نحن نشدد على وجوب التوصل لحل سياسي توافقي بين القوى السورية المختلفة، والعمل على جمع كل الفرقاء السياسيين على طاولة حوار سورية، وعدم ترك المجال أمام الأطراف العابثة بمستقبل أبناء الشعب.
*القوات الأميركية تركتكم تلاقون مصيركم خلال عملية “غصن الزيتون” التركية في يناير عام 2018 ما مهد الطريق لسيطرة تركيا وفصائل المعارضة السورية على عفرين حتى اليوم، هل لازلتم تثقون بحليفكم الأميركي؟
القوات الأميركية لم تتواجد في عفرين طوال سنوات الأزمة السورية. كما أن عملية غصن الزيتون أتت نتيجة اتفاق دار بين الرئيسين (الروسي فلاديمير) بوتين و(التركي رجب طيب) أردوغان، لكن عموماً المهمة الأساسية للوجود الأميركي في سوريا هي محاربة الإرهاب، وهذا ما أصبح واضحاً للجميع وهذه المهمة لم تنته بعد. والتدخلات التركية في سوريا لطالما كانت معرقلة لهذه الجهود.
وموقف الادارة الأميركية الحالية الرافض لأي عملية عسكرية تركية محتملة واضح للعيان، ولا نزال نأمل بأن يقوموا بإجراءات تنفيذية تمنع وقوع الغزو البري كما حدث في عام 2019.
*كيف ترون المطالب الموجهة إليكم بفك ارتباط “قسد” مع حزب العمال الكردستاني المصنّف على قوائم الإرهاب العالمية بما في ذلك الولایات المتحدة والدول الأوروبية؟
أؤكد هنا مجدداً عدم وجود أي ارتباط بين قواتنا وحزب العمال الكردستاني. تعاملنا معه يندرج ضمن إطار التعامل مع الأحزاب الوطنية الكردية، لكن للسيد عبدالله أوجلان تأثير على الكورد السوريين يعود إلى تسعينات القرن الماضي. الأمر ذاته في العديد من البلدان الأخرى العربية والأجنبية على حد سواء، ونرى صوره في العديد من الدول وليس في سوريا فقط.
وانطلاقاً من مبدأ حرية التعبير عن الرأي، نرى بأن بعض الكورد السوريين يرفعون صور الرموز والأعلام الكردية، مثل الملا مصطفى البارزاني ومام جلال الطالباني.
*لماذا وجهت تركيا أصابع الاتهام إليكم في “تفجير إسطنبول” وكيف يمكنكم إثبات عدم صلتكم به في ظل اعتقال أنقرة أشخاص قالت إنهم اعترفوا بوقوفكم خلفهم؟
أنهينا المرحلة الأولى من تحقيقات في أسماء المعتقلين والمشتبه بهم الذين تم الكشف عنهم من قبل مسؤولين أتراك، وتوصلنا لاكتشاف روابط وثيقة مع مقاتلي داعش وقتلاهم، بالإضافة لروابط مع قادة فصائل مسلحة تدعمها تركيا ومتواجدين في عفرين، ولا تزال التحقيقات مستمرة في هذا الخصوص وفي القريب العاجل سنشارك تقريراً للرأي العام.
*ما مصير قوات سوريا الديمقراطية إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا برعاية إقليمية ودولية، هل يمكن أن تحل “قسد” نفسها وتتحول إلى حزب سياسي؟
قواتنا العسكرية والإدارة الذاتية جزء من مستقبل سوريا، وأي تسوية سياسية سورية لا بد أن تضمن “دستورياً” هذه الكيانات الحامية لثلث سوريا والتي تدير أمور المواطنين بهذا الجزء من البلاد.
عملياً، فإن مهمة قواتنا هي مكافحة الإرهاب والدفاع عن الأراضي السورية، وهيكلية قواتنا تتشكل من مختلف المكونات في شمال وشرق سوريا، وأصبح لديها تراكم وخبرة احترافية في القتال نتيجة الحرب ضد الإرهاب لسنوات عديدة. ومن غير الواقعي ولا يمكن عملياً تفكيك قواتنا إلى أفراد، هذه القوات تستطيع أن تكون جزء من المنظومة الدفاعية السورية مستقبلاً.