انقلب الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان” 180درجة خلال الأسابيع القليلة الماضية في سياسته الخارجية وخاصة فيما يتعلق بعلاقاته مع #مصر وتأثير ذلك على وضع الإخوان المسلمين الذي تدعمه الحكومة التركية نظرا لأن حزب العدالة والتنمية التركي AKP تتبنى الإيدلوجية الإسلامية
فبعد أكثر من سبع سنوات من تبنّي سياسة ثابتة تجاه مصر تنطلق من اعتبار ثورة يونيو 2013 وما أعقبها انقلاب عسكري وعدم الاعتراف بالسلطة الناتجة عنها، مع ترسيخ شارة رابعة كشعار يستخدمه إردوغان مع أعضاء حزبه في جميع المهرجانات للتأكيد على موقفه هذا، مع قوله في مناسبات كثيرة أنه لن يقبل أبدا مصالحة السيسي، وما رافق ذلك من استقبال الآلاف من المعارضين المصريين والسماح لهم بافتتاح محطات تلفزيون في تركيا، انقلب موقفه رأسا على عقب مع بداية العام الحالي.
وبدأت خطابات التودد من إردوغان تجاه مصر ورئاستها ترافقت مع مباحثات بين الجانبين انتهت بإصدار تعليمات لمحطات المعارضة المصرية في تركيا بأن توقف هجومها على النظام السياسي في مصر، بما يعني عمليا التمهيد لإغلاق هذه القنوات لأن معارضتها السياسية هي السبب الوحيد لوجود متابعين لها، ورغم كل التطمينات التي يطلقها مسؤولون أتراك حول استمرار عمل هذه القنوات أو حول عدم وجود أي نية لتسليم معارضين مصريين لسلطات بلادهم، ولكن من الصعب الجزم بأي شيء لأنه لا أحد يعرف ما الذي يدور في رأس إردوغان الشخص الوحيد الذي يملك القرار النهائي في جميع القضايا.
كما استقبل أردوغان قبل أيام وزير الخارجية الصيني مما أثار استياء عشرات آلاف اللاجئين الإيغور في تركيا، فتجمع بضع مئات منهم أمام مبنى الخارجية التركية مندّدين بهذه الزيارة، وظهرت مخاوف عند بعضهم بأن يتم تسليمهم للصين مقابل صفقة لقاح كورونا صيني بما يعكس ثقتهم المحدودة بمواقف إردوغان، خصوصا مع وجود اتفاقية لتسليم “المجرمين” بين البلدين وقيام السلطات التركية باحتجاز سيت توتورك رئيس الجمعية الوطنية لتركستان الشرقية في منزله أثناء زيارة الوزير الصيني.
ورغم تصريحات مسؤولين أتراك بأن تركيا لن تسلّم الإيغور للصين لكن العديد من الجمعيات واللاجئين الإيغور يتهمون السلطات التركية بطرد أفراد من هذه الأقلية سرّا مع أن الإيغور مسلمين يتعرضون لواحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي في التاريخ تتضمن سجنهم في معسكرات كبيرة وتعرضهم لعمليات تعقيم قسرية، وهم فوق ذلك من العرق التركي بما يجعل لتركيا مسؤولية مضاعفة تجاههم، ولكن سياسة إردوغان “البراغماتية” تعطي أولوية لتحسين العلاقة مع الصين على حساب معاناة الإيغور.
وفي نفس الوقت ظهرت مؤشرات على توافقات روسية تركية حول شمال غرب سوريا تتضمن فتح ثلاث معابر بين مناطق خفض التصعيد الخاضعة للسيطرة التركية ومناطق سيطرة الحكومة السورية بهدف إدخال المساعدات الإنسانية للحكومة السورية عبر مناطق المعارضة، ترافقت مع ضغط روسي لوضع “باب الهوى” المعبر الدولي الوحيد بين هذه المنطقة والعالم الخارجي تحت سيطرة الحكومة السورية.
وإذا تحقق ذلك فإنه سيمهّد الطريق أمام روسيا لاستخدام الفيتو لحصر إدخال المساعدات الدولية عبر الحكومة السورية وبالتالي تجويع المناطق غير الخاضعة لسيطرته كما فعلت روسيا سابقا في كثير من المناطق السورية، وليس من المستغرب على من ضحّى بالمعارضين المصريين أن يتبنى السلوك نفسه في سوريا، خصوصا بعد سنوات من المشاركة التركية في مسار أستانة الروسي الذي ليس له من هدف سوى الالتفاف على القرارات الدولية حول سوريا لمصلحة الحل الروسي.