تشهد منطقة خفض التصعيد، مؤخراً تصعيداً عسكرياً من قبل قوات الحكومة السورية والفصائل الموالية لتركيا من طرف آخر، وسط محاولات من قوات الحكومة كشف نقاط الضعف تمهيداً لعملية عسكرية مرتقبة تأتي بموافقة تركية مقابل قبول دمشق التطبيع معها.
وتشهد جبهات ريف إدلب وجنوب غربي حلب، تصعيداً من قبل قوات الحكومة السورية التي بدأت مؤخراً بالتسلل إلى مواقع فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا، وهو ما يشير إلى توصل دمشق وأنقرة إلى تفاهمات ستنعكس على مناطق السيطرة.
ومنذ مطلع أيار من العام الجاري، بدأ الرئيس التركي الذي يفقد شعبيته يوماً بعد يوم نتيجة الأوضاع السيئة التي يمر بها اقتصادياً في الداخل والعزلة السياسية من الخارج، بإطلاق التصريحات حول التطبيع مع الحكومة السورية، تبعه تصريحات من مسؤولي حكومته وزيارة رئيس استخباراته هاكان فيدان إلى دمشق ولقاءه مع مدير مكتب الأمن الوطني في الحكومة السورية علي مملوك.
وبحسب المتابعين، فأن دمشق وأنقرة قد توصلتا إلى اتفاقات أولية بدأت أنقرة ودمشق خطواتها العملية على أرض الواقع. ويقول المراقبين أن أنقرة تنازلت عن الفصائل المسلحة التي تدعمها وذراعها السياسي الائتلاف السوري الذي يتخذ من تركيا مقراً له، مقابل قبول دمشق التطبيع معها واشتراك الطرفين معاً أو أقله السماح لتركيا بشن هجمات على شمال وشرق سوريا وهو ما يساعد أردوغان على تحسين صورته في المجتمع التركي القوموي على أساس العداء للشعب الكوردي.
هذه التصريحات قابلها تحركات على أرض الواقع، إذ أوعزت تركيا لهيئة تحرير الشام ببدء التحرك من إدلب باتجاه عفرين من أجل إفراغ جبهات إدلب تمهيداً لتحرك قوات الحكومة السورية باتجاهها. وعلى الرغم من الادعاءات بأن هيئة تحرير الشام عادت إلى إدلب إلا أن جهازها الأمني بدأ بالتحضير لاستقبال عوائل عناصر الهيئة إلى عفرين وتهيئة الأرضية لذلك.
هذه التحركات التركية، قابلها تحركات وتصعيد ميداني من قبل قوات الحكومة السورية في جبهات ريف إدلب وجنوب غربي حلب، عبر القصف وعمليات التسلل.
وتتركز تحركات قوات الحكومة السورية في الأتارب جنوب غرب حلب ومعارة النعسان شمال شرقي إدلب، التي تشهد اشتباكات عنيفة بشكل شبه يومي، إثر محاولات تقدم متكررة من قوات الحكومة السورية باتجاه مواقع الفصائل الموالية لتركيا.
هذه التحركات من قوات الحكومة السورية، هي عملية تمهيد ومعرفة نقاط الضعف قبل البدء بالتحرك بناء على الاتفاقات بين دمشق وأنقرة.
وستستهدف قوات الحكومة السورية المنطقة انطلاقاً من مدينة الأتارب الاستراتيجية الواقعة على طريق حلب وصولاً إلى باب الهوى الحدودي مع تركيا شمال إدلب.
هذه الصفقة التي تجري بين دمشق وأنقرة تستهدف الشعب السوري في شمال شرق البلاد وشمال غربها. فتركيا تريد ضمان مصالحها ولا يهمها الشعب السوري ولا الائتلاف السوري ولا الفصائل المسلحة التي هي عبارة عن ورقة اقترب موعد حرقها والتخلص منها، والحكومة السورية ومن خلفها روسيا وإيران يريدون استعادة السيطرة على الأرض وهم أيضاً لا يهمهم الشعب السوري.
هذه المخططات التركية ستجبر الفصائل الجيش الوطني والائتلاف في النهاية على قبول التسوية والمصالحة مع قوات الحكومة السورية والعودة إلى “حضن الوطن” على أمل الإعفاء عنهم، ولكن قوات الحكومة السورية لن تعفو عن أحد وستجبرهم على دفع ضريبة 11 عاماً من الحرب والخسائر الاقتصادية والخروج على نظام الحكم.