أحمد خليل
مع بدء سيطرة هيـ*ـئة تحـ*ـرير الشام على مدينة عفرين والعديد من نواحيها، بدأت النهج التركي الجديد إزاء الأزمة السورية يتكشف للعيان. أنقرة الساعية للتطبيع مع دمشق، لا بد لها من اتخاذ العديد من الخطوات للحصول على التطبيع بهدف التخلص من اللاجئين السوريين مع ازدياد الغضب الشعبي في تركيا منهم واستخدامهم من قبل المعارضة التركية كورقة ضغط على أردوغان الذي يخشى خسارة الانتخابات الرئاسية وفقدان سلطته.
عندما أعلنت أنقرة في أيار من العام الجاري، بدء التطبيع مع الحكومة السورية التي طالما وصفتها بالمجرمة والقاتلة واستحالة التعامل معها، كثر الحديث عن الهدف التركي والمخطط الذي ستطبقه. ومع مطلع شهر تشرين الأول بدأت خيوط المؤامرة الجديدة المحاكة ضد السوريين بالتكشف.
البداية كانت بفتح الطريق أمام هيـ*ـة تحـ*ـرير الشام بالسيطرة على عفرين وعدد من نواحيها. هذه المنطقة التي دفعت تركيا ثمناً غالياً لروسيا لقاء السيطرة عليها من أجل ضرب مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، فهي تخلت في البداية عن حلب ولاحقاً عن الغوطة الشرقية التي ظلت عصية على القوات الروسية والحكومة السورية والمجموعات الإيرانية، إلى جانب أجزاء من إدلب وحماة.
هذا ما تم عملياً حتى الآن، ولكن كما يُقال فأن القادم أعظم.. تركيا أردوغان التي سعت بكل قوتها لبدء شن هجمات جديدة على مناطق شمال وشرق سوريا، من اجل استعادة شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم على أساس العداء التاريخي للكرد، فشلت في مساعيها. فالحرب الروسية الأوكرانية من جهة وسعي واشنطن للتضييق أكثر على موسكو وطهران، وكذلك عدم الرغبة الروسية في إشعال حرب في منطقة أخرى قد تدخلت بها، قطعت الطريق أمام هدف أردوغان، لذلك توجه أردوغان إلى خطة أخرى لرفع شعبيته.
هذه الخطة الجديدة مبنية على التخلص من اللاجئين السوريين على الأراضي التركية، في ظل التدهور الاقتصادي الكبير الذي تعانيه تركيا، فالاقتصاد كان الورقة التي أتت بأردوغان إلى السلطة عام 2002. ويبدو أنها هي الورقة الذي ستسحب البساط من تحت قدميه، وكذلك تستخدم المعارضة التركية ورقة اللاجئين ضد أردوغان وتقول إنها في حال وصلت إلى سدة الحكم ستتوجه إلى دمشق من أجل إعادتهم، لذلك أراد أردوغان أن يتوجه بنفسه إلى دمشق من أجل إعادة اللاجئين.
ولذلك رأينا أن العديد من المعابر بين قوات الحكومة السورية ومناطق سيطرة تركيا قد تم افتتاحها، ويقال بأن تركيا ستشكل ثلاثة مراكز للتسوية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، من أجل تسوية أوضاع المسلحين والمدنيين على حد سواء، خصوصاً الذين رفضوا التسويات السابقة التي أجرتها قوات الحكومة في إطار الاتفاقات الروسية التركية وتوجهوا من مناطقهم الأصلية إلى مناطق سيطرة تركيا.
وهنا من سيدفع ثمن المخططات التركية سيكون السوريون الذين رفضوا التسوية، وسيكونون الآن مجبرين على التسوية، واللاجئون الموجودون في تركيا سيكونون ثاني من يدفع ثمن هذه المخططات.
ولكن يبقى الوقع الأكبر على الائتلاف السوري وفصائل الجيش الوطني التابعة له. فالمعلومات الواردة تقول إن علي مملوك وهاكان فيدان قد التقيا في موسكو مرة أخرى هذا الشهر، وتم فيه الاتفاق على إعادة اللاجئين السوريين من تركيا وتسليم عدد من قيادات الائتلاف وفصائل الجيش الوطني.
التطبيع بين دمشق وأنقرة يعني نهاية الائتلاف السوري وفصائله، ولهذا فتحت تركيا الطريق أمام هيئة تحرير الشام لتنتشر في مناطق سيطرتها، فتركيا التي تخلت عن من تصفهم معتدلين يسهل عليها أن تتخلى عن من صنفتهم بنفسها إرهابيين، في سبيل ضرب شمال وشرق سوريا ومشروعها في الإدارة الذاتية. هيئة تحرير الشام هي الورقة الأخيرة التي تعتمد عليها تركيا لتحقيق مخططاتها في سوريا.