أحمد خليل
خلال الأيام المنصرمة، سيطرت هيئة تحرير الشام على مدينة عفرين وعدة نواحي، وكان آخرها السيطرة على قرية كفر جنة، هذه السيطرة ما كانت لتتم لولا موافقة تركية، خصوصاً أن فصائل موالية لأنقرة شاركت في تنفيذ المخطط إلى جانب الهيئة.
وخلال الأسبوع المنصرم، بدأت تركيا بمخطط جديد ضد منطقة عفرين، كانت الواجهة فيها هيئة تحرير الشام وساعدتها حركة أحرار الشام وفرقتي الحمزة والعمشات وفصيل سليمان شاه المدعومة من تركيا.
وفي إطار هذا المخطط، سيطرت هذه الأطراف على كامل مدينة عفرين، ومركز ناحية معبطلي وعدة قرى في نواحيها، وكذلك مركز ناحية جنديرس وعدد من قراها، إلى جانب قرى في ناحيتي شران وشيراوا.
وسبق هذه السيطرة، عقد اجتماع من قبل الاستخبارات التركية للهيئة وعدة فصائل، تم فيها اتخاذ القرار بحل فصيل الجبهة الشامية، والسيطرة على جميع نقاطها. خصوصاً أن مناطق سيطرة هذا الفصيل شهدت تظاهرات خلال الفترة السابقة تطالب تركيا بالخروج من الأراضي السورية خصوصاً بعد رفع أسعار الكهرباء وكذلك أثناء حديث الرئيس التركي ومسؤولي حكومته عن التطبيع مع دمشق.
هذه التظاهرات العفوية من قبل الأهالي، أحرجت تركيا، وكادت أن تشعل ثورة ضدها في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، مع ازدياد الاحتقان الشعبي نتيجة انعدام فرص العمل وارتفاع أسعار المواد، إلى جانب ممارسات الفصائل التابعة لها والتي ضاق الناس بها ذرعاً.
ويرى مراقبون أن المخطط التركي بوضع مناطق عفرين تحت سيطرة تركيا، لها جملة من الأهداف:
أولاً؛ استكمال مخطط التغيير الديموغرافي بحق أبناء الشعب الكوردي والتضييق عليهم أكثر من قبل الهيئة التي كلفت بهذه المهمة، إذ أن تركيا التي تعتبر دولة احتلال وفق القوانين الدولية تتحمل مسؤولية ما يجري على يد الفصائل التي تدعمها، ولذلك فهي تريد التملص من هذه المسؤولية عبر وضع المنطقة تحت سيطرة الهيئة التي صنفتها تركيا نفسها بأنها إرهابية، وبذلك تريد خداع المجتمع الدولي بأن من أجرى التغيير الديموغرافي هو فصيل على لائحة الإرهاب لديها أيضاً.
وكما هو معلوم، فأن هيئة تحرير الشام معروف عنها التشدد في كل شيء مثلها مثل تنظيم الدولة الإسلامية، فهي تمنع خروج النساء دون نقاب، وتمنع خروجهم دون محرم، وتمنع اختلاط الرجال والنساء، وتمنع عمل النساء.
وبحسب مصادر محلية من المنطقة، فأن الهيئة وفور سيطرتها على عفرين، بدأت بحملة اعتقالات طالت عدداً من المواطنين الذين نقلتهم إلى سجونها في إدلب. ويبدو أن هذا التضييق هو جزء من المخطط التركي لدفع من تبقى من الكورد لترك أرضهم والهجرة منها، حتى يتسنى لتركيا تغيير ديموغرافية المنطقة ونقل اللاجئين المتواجدين إلى أراضيها، إلى هذه المنطقة.
ثانياً؛ يرى المراقبون بأن هذا المخطط التركي مرتبط بالتطبيع مع دمشق، فهي تريد نقل هيئة تحرير الشام من إدلب إلى عفرين، وبالتالي إفراغ إدلب من الهيئة حتى يتسنى للحكومة السورية السيطرة عليها خلال الفترة القادمة.
ثالثاً؛ تسعى تركيا في مخططها هذا، إلى حشر العديد من الفصائل الموالية لها في مساحة صغيرة، لإقناعهم بضرورة شن هجمات جديدة على شمال وشرق سوريا للسيطرة عليها، خصوصاً أن العديد من الفصائل عبرت وبشكل غير مباشر عن رفضها المشاركة في هجوم جديد على هذه المناطق في ظل سيطرة الحكومة السورية على مناطقهم، وإدراكهم أن محاربة الكورد لا يخدم عودتهم إلى ديارهم التي نزحوا منها.
رابعاً؛ يخشى الرئيس التركي الذي يعاني من مشاكل داخلية وخارجية وأزمة اقتصادية متفاقمة في الداخل، من أن تبدأ روسيا والحكومة السورية، عملية عسكرية ضد المناطق الخاضعة لسيطرتها كجزء من شروط قبول التطبيع معها، وبالتالي نقلت هيئة تحرير الشام إليها، حتى تستطيع التملص من التزاماتها، وكي تفتح الهيئة خطوط الجبهة كلها دفعة واحدة تصعب الامر على دمشق وموسكو في السيطرة على المنطقة.
وفي سياق آخر، أظهر البيان الذي أصدره الائتلاف السوري، بأنه لا حول ولا قوة له أمام المخطط التركي، إذ لم يستطع الائتلاف الحديث عن الدور التركي في المخطط أو رفض سيطرة الهيئة على مناطق خاضعة لسيطرة فصائل تابعة للائتلاف بشكل مباشر.
فقط من اعترض على هذه التطورات هم أعضاء المجلس الوطني الكوردي في الائتلاف الذين نددوا بسيطرة تحرير الشام على عفرين، وعبروا عن مخاوفهم من ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الكوردي.
وعبر بعض مسؤولي المجلس الوطني الكوردي، بصورة غير مباشرة أن ما يجري هو مخطط تركي وأن الائتلاف لا يستطيع الحراك في هذا المجال، كونه يتلقى الدعم من تركيا وبالتالي لا يستطيع الخروج من بيت الطاعة.
ليس بالضرورة أن يعبر المقال عن رأي الموقع