في إطار مخططها الرامي لتغيير ديموغرافية الشمال السوري الخاضع لسيطرتها، أنهت تركيا بدعم من جمعيات قطرية وكويتية وفلسطينية بناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية، في وقت تستمر فيه بترحيل اللاجئين السوريين إلى تلك المناطق.
منذ بداية العام الجاري، كشف الرئيس التركي عن مخططه لتغيير ديموغرافية الشمال السوري الخاضع لسيطرة جيشه والفصائل التابعة له والمحسوبة على السوريين، وأعاد التذكير بهذا المخطط في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي عقدت في شهر أيلول المنصرم، وأمام العشرات من رؤساء ومسؤولي دول العالم.
صحيح أن أردوغان قد كشف هذا المخطط منذ بداية العام، ولكن الخطوات الفعلية بدأت منذ أن دخلت القوات التركية الشمال السوري بشكل مباشر عام 2016. وازداد هذا المخطط بعد أن شنت تركيا الهجمات على عفرين مطلع عام 2018 وسيطرتها عليه في آذار نفس العام.
إذ تم تهجير أكثر من 400 ألف نسمة من سكان المنطقة الأصليين في عفرين، وعوضاً عنهم، استقدمت تركيا نازحين سوريين من مختلف المناطق السورية وخصوصاً من عوائل المسلحين الذين يقاتلون من أجل تركيا في ليبيا وقره باغ واليمن وغيرها من المناطق.
ولكي لا تتحمل تركيا بصفتها دولة احتلال، أية تبعات قانونية لعمليات الاستيطان والتغيير الديموغرافي، بدأت العمل على بناء مجمعات استيطانية وذلك بإشراف من جمعيات قطرية وكويتية وفلسطينية جميعها تتبع لتنظيم الإخوان المسلمين. إذ ركزت هذه الجمعيات في بناء المستوطنات على المناطق ذات الغالبية الكوردية، في حين تركت المناطق الأخرى من الشمال السوري الخاضع لسيطرة تركيا خصوصاً إدلب التي تكتظ بالنازحين. إذ أنه تم بناء عشرات المستوطنات في عفرين، ومؤخراً بدأ العمل على بناء المستوطنات في تل أبيض.
وحتى الآن أنهت تركيا بناء 68 ألف وحدة استيطانية أسكنت فيها عوائل المسلحين التابعين لها، وكذلك عوائل العاملين في المنظمات التي أسستها تحت مسميات خيرية ولكنها تعمل كجهة استخباراتية لصالح تركيا على حساب السوريين أنفسهم.
ولكي يكتمل السيناريو الذي تعده تركيا لتغيير ديموغرافية المنطقة، تحاول خداع الرأي العام، عبر الادعاء بأن بناء هذه المستوطنات هو من أجل إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم. ولكن المعروف أن أهالي هذه المناطق التي تبنى فيها المستوطنات يعيشون في خيام على مقربة من مناطق الاصلية، في حين يتم ترحيل سكان بقية المناطق السورية إلى الشمال السوري.
وفي هذا السياق، رحلت تركيا 115 لاجئ سوري بعد عدم تجديدها لإقامتهم ضمن الأراضي التركية، 94 من هؤلاء تمت إعادتهم إلى سوريا عبر معبر باب الهوى و21 شاب عبر معبر جرابلس خلال يوم أمس الأحد فقط.
ولا يكاد يمر يوم إلا وترحل فيه تركيا عشرات اللاجئين في أراضيها إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرتهم، ولكن جميع هؤلاء المرحلين ينتمون إلى مناطق سورية أخرى، وهذا ما يدل على نية تركيا تغيير ديموغرافية المنطقة تمهيداً لفصلها عن سوريا.