خلال الأسبوع الأخير عادت نحو 130 عائلة نازحة كانت تقطن مناطق الباب وجرابلس، إلى مناطقها الأصلية في حلب والخاضعة لسيطرة الحكومة السورية. فلماذا عادت تلك العائلات؟
منذ بداية شهر أيلول المنصرم، بدا أن هناك حركة نشطة بين المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها في الشمال السوري ومناطق سيطرة الحكومة السورية، ولكن هذه الحركة كانت باتجاه واحد.
وأكد مصادر موثوقة من الشمال السوري الخاضع لسيطرة تركيا وفصائلها، أن نحو 130 عائلة نازحة كانت تقطن مناطق الباب وجرابلس، عادت إلى مناطقها الأصلية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في ريف حلب.
وأشارت المصادر أن هذه العائلات هربت من جحيم الفلتان الأمني الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائلها، وانتشار عمليات السرقة والنهب وحالات الاختطاف، وزاد خوف العائلات كثيراً بعدما كثرت حالات اغتصاب القاصرين والقاصرات على يد المسلحين الموالين لتركيا أو أقربائهم.
وأوضحت أن العائلات العائدة توجهت إلى مناطق الحكومة السورية بهدف إجراء تسوية لأوضاعها هرباً من ظلم وبطش فصائل الجيش الوطني التي تستخدم كل الطرق والأساليب الدنيئة بهدف ابتزاز الأهالي والحصول على الأموال.
عمليات العودة هذه تتم عبر معابر مفتوحة بين مناطق السيطرة التركية والحكومة السورية، والتي تشرف عليها فصائل موالية لتركيا.
وتحولت المعابر إلى مصدر دخل لقادة الفصائل، فهي تحصل على الأموال على كل من يرغب بالتوجه إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، حتى باتت الشكوك تحوم حولها فيما إذا كانت مرتبطة بشكل أو بآخر بالحكومة السورية أو فيما إذا كانت تخدم مخططاً تركياً في ظل توجه الأخيرة نحو التطبيع مع الحكومة السورية.
وفي هذا السياق، أكدت المصادر، أن العائلات التي تسعى للخضوع للتسويات تمر عبر حواجز فصائل الجيش الوطني مقابل دفع مبلغ قدره 300 دولار أميركي لكل عائلة.
ولفتت المصادر أن الآليات تتوجه إلى مدينة الباب تحت إشراف بعض قادة فصائل الجيش الوطني وتتجمع على مقربة من دوار المروحة في مدينة الباب، ومن ثم تتوجه برفقة مجموعة مسلحة من الفصائل مهمتها تمرير القافلة عبر حواجز فصائل الجيش الوطني إلى بزاعة ومن ثم إلى تفريعة.
وأكدت المصادر أن المسؤول والمشرف على عمليات تهريب العوائل وإخراجها من سيطرة تركيا وفصائلها، قيادي في فرقة الحمزة ويدعى راغب شيخو.
وقالت المصادر أن هذا الشخص وعبر شبكته يروج للمصالحة والتسوية مع الحكومة السورية، ويؤمن طريق الخروج باتجاه مناطق سيطرة الحكومة السورية لقاء الحصول على مبلغ قدره 300 دولار عن كل عائلة.
ويشار أنه مؤخراً بدأت هيئة تحرير الشام أيضاً في ريف إدلب بالتجهيز لافتتاح معبر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية في منطقة سراقب، بعد أن سيطرت على نقاط للجيش الوطني هناك وأزالت السواتر الترابية على الطريق تمهيداً لافتتاح المعبر.
ويشير متابعون للوضع أن افتتاح المعبر جاء بعد أن افتتحت الحكومة السورية مركز للتسوية في معرة النعمان، وذلك بالتزامن مع الحديث عن تطبيع بين دمشق وأنقرة وزيارة رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان إلى دمشق ولقاءه علي مملوك مدير مكتب الأمن الوطني لدى الحكومة السورية وحديثهم عن إعادة اللاجئين دون الاكتراث بمصيرهم.
وسبق للحكومة السورية أن اعتقلت أشخاصاً عائدين من لبنان وبعض الدول العربية رغم أنهم لم يشاركوا في عمليات القتال ضدها، فكيف سيكون الحال مع من شاركوا في القتال ورفضوا التسويات التي أجريت برعاية روسية تركية في مناطق خفض التصعيد بناء على المقايضات التي أجراها البلدان المتدخلان في الشأن السوري لتحقيق مصالحهما على حساب الشعب السوري.