منذ مدة يطلق المسؤولون الأتراك تصريحات حول نيتهم التطبيع مع الحكومة السورية، وذلك في رسالة غزل واضحة لروسيا التي تعيش عزلة دولية بسبب العقوبات المفروضة عليها عقب تدخلها عسكرياً في أوكرانيا ودعم حلف الناتو للأخيرة في حربها ضد روسيا، وكذلك للتخلص من أزماتها مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2023.
ويخشى الرئيس التركي الذي يعاني من نزيف في الأصوات داخل تركيا من خسارة الانتخابات، مع ازدياد مشاعر الكره داخل تركيا من اللاجئين السوريين الذين استضافهم أردوغان لتحقيق مصالحه في المنطقة عبر استخدامهم كمرتزقة تارة في حروبه وتارة لابتزاز أوروبا لقبول سياساته. يضاف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا وتدهور سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، إلى جانب اتحاد الأحزاب المعارضة بوجه أردوغان وحليفه في حزب الحركة القومية دولت باهجلي.
وأمام هذه الأزمات، يحاول أردوغان استغلال المأزق الروسي للحصول على بعض التنازلات منه فيما يخص الأوضاع في سوريا. وروسيا نفسها لا ترغب في أن تتحرك الجبهة السورية في الوقت الحالي، كي لا تشتت انتباهها عن أوكرانيا حديقتها الخلفية.
وفي ظل هذه الظروف وتقلب أردوغان بين الحضنين الأميركي والروسي، فهو يسعى من وراء التطبيع مع دمشق برعاية روسية، إلى الحصول على ضوء أخضر من أجل هجمات جديدة على شمال وشرق سوريا، تساعده في كسب بعض الأصوات من القومويين حتى يستطيع عبرهم الفوز بالانتخابات.
ولا يستبعد المراقبون أن تسمح روسيا لتركيا بشن الهجمات في حال قبلت شروطها بالتطبيع مع الحكومة السورية وكذلك لعب دور في الالتفاف على العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا عقب تدخلها العسكري في أوكرانيا.
وفي هذا السياق، يشير المراقبون أن روسيا تسعى لتشكيل نوع من التحالف بين دمشق وأنقرة ضد مناطق شمال وشرق سوريا، وذلك بهدف التخلص من التواجد الأميركي في شمال وشرق سوريا والذي يعيق المخططات الروسية في سوريا وخصوصاً من ناحية وضع يدها على مصادر الطاقة (البترول والغاز) والزراعة والمياه، كون تركيا عضو في حلف الناتو وأميركا لن تحارب تركيا إذا ما شنت الهجمات على المنطقة، عكس قوات الحكومة السورية والمجموعات الإيرانية التي تدعمها أو مرتزقة فاغنر الروسية التي ستحاربها أميركا ولن تسمح لها بشن الهجمات على المنطقة.
ويرى المراقبون أن دمشق لن تقبل بسرعة هذا التطبيع مع أنقرة إلا إذا تنازلت الأخيرة عن بعض المواضيع وأهمها رفع اليد عن مجموعات الجيش الوطني وتسليمهم لدمشق وإعادة سيطرة دمشق على المناطق الواقعة تحت سيطرة تركيا.
ويؤكد المراقبون أن أي تطبيع بين دمشق وأنقرة سيكون أولاً بتنازل تركيا عن مجموعات الجيش الوطني مقابل السماح لها بشن هجمات على شمال وشرق سوريا.