مجدداً بدأت موجة من الهجرة إلى أوروبا قادمة من بلدان الشرق الأوسط، وفي مقدمتها سوريا والعراق ولبنان والسودان وأفغانستان ووصلت مؤخراً إلى تركيا، على خلفية الأزمات التي تشهدها هذه البلدان وخصوصاً من الناحية الاقتصادية. ولكن رحلة اللجوء هذه محفوفة بالمخاطر بدءاً من التعرض للنـ.ـصب والاحتـ.ـيال على يد السـ.ـماسرة وصولاً إلى عمـ.ـليات القـ.ـتل والاستـ.ـغلال الجنـ.ـسي.
فموجة الهجرة هذه تذكرنا بما حصل عام 2015 عندما بدأ سكان هذه البلدان بغـ.ـزو القارة الأوروبية، وحينها ابتعلت مياه البحار والغابات الآلاف من طالبي اللجوء بعد عمليات النـ.ـصب والاحتـ.ـيال التي تعرضوا لها في رحلة الهجرة.
وبحسب آخر إحصائية في تموز من العام الجاري، ارتفع عدد الوفيـ.ـات من المهاجرين لأكثر من 49 ألف شخصاً منذ عام 2014 حسب سجلات مشروع المهاجرين المفقودين. وتعتبر الهجرة عبر البحر المتوسط أخـ.ـطر طرق الهجرة، حيث لقي ما لا يقل عن 20 ألف شخصًا مصـ.ـرعهم منذ عام 2014 وحتى الآن أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط.
والملفت للانتباه، أن من يسلكون طريق الهجرة، ينحدرون من عوائل ميسورة الحال، فالرحلة من سوريا مثلاً تكلف ما لا يقل عن 12 ألف دولار للشخص الواحد، أي ما يزيد عن 50 مليون ليرة سورية، وهذا المبلغ لا تمتلكه العوائل الفقيرة، لذلك يمكن القول إن الهجرة تقتصر على أولاد العوائل الغنية.
وتتعدد أسباب الهجرة، فبعضهم يقول بأنه يسعى للحصول على حياة أفضل هناك، فيما يتوجه البعض طمعاً في المال، فيما يهرب آخرون من الواجبات الملقاة على عاتقهم في حماية وطنهم من الاحتلالات، بينما يهرب آخرون من أداء الخدمة العسكرية، فيما يتحجج آخرون بأنهم يهربون من المـ.ـوت وكأن من يصل إلى بلاد المهجر يبقى محمياً من المـ.ـوت.
رحلة اللجوء هذه محفوفة بالمخـ.ـاطر، بدءاً من قطع حدود البلدان بطرق غير شـ.ـرعية وتعرضهم للعنـ.ـف والقتـ.ـل على أيدي قوات حرس الحدود، ففي سوريا مثلاً قتـ.ـل نحو 540 شخصاً بينهم أكثر من 100 طفل و67 امرأة على يد حرس الحدود التركي أثناء محاولتهم عبور الحدود السورية التركية.
في حين يتعرض المهاجرون لحـ.ـوادث سير أثناء رحلة الهجرة، ففي منتصف شهر آب، أصيب 35 مهاجراً من سوريا إثر انقـ.ـلاب شاحنة كانت تقلهم في مقدونيا الشمالية قادمة من اليونان.
بينما يتعرض آخرون إلى عملـ.ـيات نصـ.ـب واحتـ.ـيال على أيدي السـ.ـماسرة الذين يقبضون الأموال ويتركون المهاجرين في منتصف الطريق أو يتفقون مع العصـ.ـابات من أجل تشـ.ـليح المهاجرين.
والوضع يبقى أكثر حرجاً بالنسبة للسيدات والفتيات، إذ تتعرضن للمضـ.ـايقة في رحلة اللجوء ويصل الامر إلى تعرضـ.ـهن للاغتـ.ـصاب على أيدي السـ.ـماسرة أو حرس حدود الدول التي يقطعونها. فمثلاً تعـ.ـرضت امرأة وفتاة قاصر في عام 2021 بالقرب من مدينة القامشلي على الحدود السورية التركية للاغتـ.ـصاب على يد حرس الحدود التركي.
وتعتبر طرق التهـ.ـريب غير الشـ.ـرعية والإتجـ.ـار بالبـ.ـشر هو السبب الأول في وقوع عدد كبير من الضـ.ـحايا من المهاجرين، حيث يقومون باستـ.ـغلال المهاجرين والاتجـ.ـار بهم للحصول على مبالغ مالية طائلة، ويفـ.ـقد العديد منهم حياتهم وخاصة في البحر الذي يعد أشد خطراً من الطرق البرية، بسبب الرحلات التي تكون بواسطة قوارب صغيرة وبالية وتحمل على متنها أعداد كبيرة وعادة ما يفر المهـ.ـربون ويتركون المهاجرين ليلقوا مصيرهم في عرض البحر.
وتشكل سياسة بعض الدول خـ.ـطراً يحدق بالمهاجرين ويزيد من معاناتهم، مثلاً في ليبيا يتـ.ـعرض المهاجرون للعديد من الإجـ.ـراءات التعسـ.ـفية وفي الدنمارك يتعرضون للطـ.ـرد التعـ.ـسفي الذي تقوم بها حكومة الدنمارك. وفي سياق الاتهامات وانتـ.ـهاك حقوق الإنسان ومخـ.ـالفة القوانين تُشير منظمة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش أن تركيا لا تمتثل لمعايير الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالدولة الثالثة الآمنة التي يمكن إعادة طالبي اللجوء إليها، والتي تشمل احترام مبدأ عدم الإعادة القسـ.ـرية، وأضافت بأن تركيا قامت بترحيل مئات السوريين من مدنها إلى سوريا، ما يجعل الأشخاص المُرحَّلين قسـ.ـرا من اليونان عرضة للإعادة القسـ.ـرية إلى سوريا. وكذلك أوضحت المنظمة انتـ.ـهاكات قوات الأمن اليوناني ضد المهاجرين. بينما اُتهمت وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي “فرونتيكس”، بصرفها النظر عن عمـ.ـليات مناهضة ضد المهاجرين.
وتمثل طرق الهجرة غيـ.ـر الآمـ.ـ نة التي يستغلها المهـ.ـربون وتجـ.ـار البـ.ـشر كابـ.ـوساً مستمراً للعديد من دول العالم، مع استمرار غياب الحلول الجذرية لهذه القضية الشائكة، ويقتصر العمل على الحد من الانتـ.ـهاكات بحق المهاجرين ومحـ.ـاربة الاتجـ.ـار بالبشر من قبل بعض المنظمات التي تعمل في الجانب الإنساني. وكل هذا يدفع لطرح السؤال إلى متى سوف تستمر هذه المـ.ـأساة وما هي الحلول؟