لفّ الغموض النتيجة التي خلُصت إليها القمّة التركية – الروسية الأخيرة في سوتشي التي أجريت في الخامس من شهر آب للعام الحالي، والتي يبدو أنها حثت أنقرة الى إبداء خطوات جدية بإحداث تغييرات ميدانية في إدلب، والتي تشير أن الأرض باتت مُمهَّدة تماماً له. في الوقت الذي تستقدم فيه قوات الحكومة السورية بمساندة المجموعات الموالية لإيران وتحت غطاء جوي روسي، لتنفيذ هذه العملية المرتَقَبة منذ زمن، من أجل فتح طريق حلب – اللاذقية (M4)، وإعادة سيطرتها على المحافظة وانتزاعها من يد هـ.ـيئة تحـ.ـرير الشـ.ـام والفصائل الموالية لتركيا، في ظل تسريبات أوضحت عن تعهد تركي بعدم مساندة تلك الفصائل كما حصل في مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض كنوع من تنازلات في خطوة نحو التقارب التركي- السوري.
“معركة وشيكة ومحسومة” هكذا يمكن وصف معركة إدلب التي ستقلب مجريات الأمور في سوريا على جميع المستويات، في ظل تعهد وفد تركي للجانب الروسي أثناء اجتماع لهم في قاعدة حميميم قبل عدة أيام، بأنه سيقوم بسحب جميع قواته من إدلب إلى القرى الحدودية لتسهيل سيطرة قوات الحكومة السورية على مدينة إدلب.
في حين أكدت مصادر تركية وصفتها صحيفة المونيتور بـ “ذات مكانة جيدة” إن “الجهود المبذولة للتعامل مع دمشق تتم بقوة متجددة وبدعم من الكرملين”.
في الحقيقة؛ تبدّل السياسة التركية، تجاه الصراع في سوريا والعلاقة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ليس وليد اليوم، بل هو استمرار للتبدّل الذي بدأ سنة 2016، بعد صفقة بيع مدينة حلب «أكبر معاقل المعارضة السورية» والتي منعت فيها تركيا إرسال المعارضة مؤازرة عسكرية للفصائل إلى حلب ما جعل سقوطها سريعًا، حيث كانت أولى سنوات عودة دفء العلاقات وثمرة التعاون المشترك بين النظامين التركي والسوري برعاية روسية، لتسقط المدينة التي كانت تحت سيطرة المعارضة منذ 2012.
تحوّلت تركيا حينها من داعم للفصائل المعارضة للأسد، إلى وسيط. ثم تلا ذلك التحول مشاركةُ تركيا مع إيران وروسيا، في إطلاق مسار أستانة في العاصمة الكازاخستانية “أستانة”، في 23 كانون الثاني/ يناير 2017، ثم إبرام اتفاق “خفض التصعيد” الذي وقّعه شركاء أستانة الثلاث، روسيا وإيران وتركيا، في 4 أيار/ مايو 2017، وشمل الاتفاق أربع مناطق هي: محافظتي درعا والقنيطرة، وغوطة دمشق الشرقية، وريف حمص الشمالي، ومحافظة ادلب وريف حلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي وريف حماه الشمالي، وقد كانت نتيجة هذه الاتفاقات استعادة قوات الحكومة السورية السيطرة على تلك المناطق.
وبعد اللقاء، صعّدت الطائرات الروسية من كثافة غاراتها على مواقع انتشار الفصائل في ريف إدلب، وبشكل خاص محيط منطقة جبل الزاوية التي تُمثّل عقدة أخيرة تسيطر على جيب صغير فيها «تحـ.ـرير الشـ.ـام»، ما يعني فتح الطريق في حال سيطرة قوات الحكومة السورية على هذا الجيب، بالتزامن مع حشد قوّاته على تخوم المنطقة استعداداً للتقدّم البرّي حيث عززت مواقعها في منطقة كفرنبل ومعرة النعمان ومدينة سراقب، بأكثر من 2000 مقاتل من الفرقة 25 المدعومة من روسيا”.
في وقت بدأت فيه بعض وسائل الإعلام السورية، بالحديث عن «معركة وشيكة» في إدلب، الأمر الذي أكده مصدر ميداني إلى أن قوات الحكومة السورية «جاهزة فعلاً لتنفيذ العمل العسكري فور صدور الأوامر»، مضيفاً أن «عمليات الرصد والمتابعة قائمة بشكل مستمرّ، وعمليات الاستهداف مستمرّة على مواقع انتشار وتمركز المسلحين».