طالب 33 حزب سياسي يشكلون معاً الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عبر بيان في الـ 17 من تموز الجاري، بفرض حظر جوي على المنطقة لمنع تركيا من شن هجمات جديدة على المنطقة. وأعلنت إطلاق حملة تحت اسم ”منع الطائرات الحربية والمسيرات التركية المحملة بالأسلحة من التحليق في سماء شمال وشرق سوريا”.
وتستمر الحملة من خلال حملة ”هاشتاغ” في فضاء الاعلام الرقمي سوف تنطلق يوم 23 تموز الجاري 2022 حسب توقيت بروكسل الساعة 19،00.
فما هي منطقة الحظر الجوي وهل يمكن تطبيقها في شمال وشرق سوريا، ولماذا تظهر أهمية هذا الحظر؟
ما هي منطقة الحظر الجوي؟
وهي المنطقة التي يمنع فيها تحليق الطائرات في أجواء منطقة معينة قد تشمل دولة بأكملها، وذلك بهدف حماية المدنيين من جرائم إبادة وقتل محتملة.
ويتم اتخاذ قرار إنشاء منطقة الحظر الجوي من قبل مجلس الأمن الدولي وذلك استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة العسكرية من أجل المحافظة على السلام والأمن الدوليين أو استعادتهما، وذلك شريطة أن تصوت غالبية الأعضاء على القرار مع امتناع أي من الدول الدائمة العضوية حق النقض “الفيتو”.
ويتطلب فرض الحظر الجوي إقامة دوريات على مدار الساعة فوق المجال الجوي للدولة المستهدفة، وأحياناً تدمير مضادات الطائرات لذلك البلد.
مناطق تم حظر الطيران فيها
في أوائل تسعينيات القرن الماضي عوقبت ليبيا بالحصار الاقتصادي والحظر الجوي، بعد اتهام ليبيين بالضلوع في تفجير طائرة أميركية فيما عرف بقضية لوكربي، وتم رفعه في أيلول عام 2003.
وفي 18 آذار عام 2011 فرض مجلس الأمن الدولي حظر جوي على ليبيا لمنع النظام الليبي من استخدام الطائرات في التصدي للمجموعات المسلحة، وكان لهذا الحظر الدور الأساس في أسقاط نظام العقيد معمر القذافي.
كما أصدر مجلس الأمن قراراً مماثلاً بحظر الطيران في يوغسلافيا الاتحادية إبان الحرب في البوسنة والهرسك وذلك في 30 أيار 1992 القاضي بفرض منطقة حظر جوي فوق البوسنة، لمنع الطيران الصربي من المشاركة في العمليات العسكرية، بعد قيامه بقصف أهداف مدنية تابعة لمسلمي البوسنة.
هل يمكن لدول بعينها فرض حظر الطيران؟
هنالك العديد من الأمثلة التي تم فيها حظر الطيران من قبل دول بعينها وذلك للحفاظ على الأمن وحماية الشعوب من المجازر، دون أن يكون هناك قرار رسمي من الأمم المتحدة. ومنها ما حصل في العراق، فبعد انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 فرضت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا حظراً جوياً داخل العراق فيما عرف بمناطق الحظر الجوي شمالي العراق وجنوبه وذلك من أجل حماية الكرد والشيعة من جرائم نظام صدام حسين.
وكان لهذا الحظر الدور الأساسي في إيقاف المجازر من قبل نظام صدام حسين الذي ارتكب العديد من المجازر بينها مجازر الأنفال بحق الكرد التي أودت بحياة نحو 198 ألفاً وكذلك مجزرة حلبجة عام 1988 التي استخدم فيها صدام الأسلحة الكيماوية ضد الكرد وأدت إلى فقدان ما يزيد عن 5 آلاف شخص وإصابة مئات الآلاف ما زال بعضهم يعاني حتى الآن من آثار ذلك القصف. وكان لهذا الحظر الدور الأساسي في تشكيل إقليم كردستان العراق واستمر ذلك حتى عام 2003 عند إسقاط نظام صدام حسين.
كما اعتبرت معظم الأجواء الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول عام 2001 مناطق يحظر التحليق فيها.
وفي اليمن، أعلنت السعودية بطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أجواء اليمن منطقة محظورة على الطيران بعد أن بدأت عملية ضد جماعة أنصار الله الحوثي المدعومة من إيران والتي سيطرت على مساحات واسعة من البلاد بعد عام 2014.
هل يمكن حظر الطيران في شمال وشرق سوريا وكيف؟
من المعروف أن أجواء سوريا خاضعة لنفوذ روسيا والولايات المتحدة، وبموجب اتفاقية منع الاصطدام بين الطرفين، تم تقسيم الأجواء بين الطرفين وتم تعيين نهر الفرات كحد فاصل بين الطرفين، وإذا تحرك طيران أي طرف في الطرف الآخر يتم التواصل بينها عبر الخط الساخن، ويكون ذلك لتنفيذ عمليات خاصة مثل عملية اغتيال زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي.
وبناء على ذلك، يمكن لكل من روسيا وأميركا فرض حظر الطيران في أجواء الشمال السوري. ومن شأن ذلك أن يوقف الحرب في سوريا ويفتح الباب أمام الحل السياسي، فالأزمة السورية المستمرة منذ 11 عاماً كلفت الشعب السوري كثيراً، إذ بات أكثر من 90 % من السوريين يعيشون تحت خطر الفقر بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
لماذا تظهر أهمية فرض حظر الطيران في شمال وشرق سوريا؟
يهدد الرئيس التركي بشن هجمات جديدة على شمال وشرق سوريا، وسبق له أن شن هجمات عديدة في سوريا وسيطر على مساحات من هذا البلد وارتكب العديد من المجازر سواء في عفرين أو رأس العين أو حتى مدينة الباب، كما تسبب بنزوح مئات الآلاف من المدنيين من مناطقهم. وتشكل تهديداته الأخيرة بشن هجمات جديدة خطراً على الأمن والسلم في سوريا، وبالتالي فأن فرض حظر الطيران يشكل أهمية كبيرة في منعه من الإقدام على شن الهجمات وبالتالي حماية الشعب السوري وخصوصاً الأقليات الدينية والعرقية الإيزيدية والأرمنية والسريانية الآشورية الكلدانية إلى جانب الشعبين الكردي والعربي من جرائم الدولة التركية التي تستهدف احتلال أجزاء من سوريا وفصلها وضمها لأراضيها.