فيما يبدو أنه وضع أركان لدولة تابعة لهيئة تحرير الشام، بدأت الأخيرة بإصدار بطاقات شخصية لسكان المناطق الخاضعة لنفوذها والتي تكثر فيها القواعد التركية، ما يثير الشكوك حول نوايا فصل هذه المناطق من الجغرافية السورية.
وبدأت “حكومة الإنقاذ” التابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب، مشروعها الجديد في استخراج “بطاقات شخصية” لسكان المناطق الخاضعة لنفوذها في الشمال السوري عن طريق “دوائر النفوس” التابعة لها، لتكون هذه البطاقات بديلة عن “البطاقات الشخصية” السورية، وذلك لتعزيز نفوذ وهيمنة “هيئة تحرير الشام” على المنطقة، وإرساء أركان ما يشبه الدولة ما قد يمهد لفصل هذه الأراضي من الجغرافية السورية.
وتأتي خطوة استخراج “البطاقات الشخصية” بعد نحو سبعة أعوام من تمكن “هيئة تحرير الشام” وعدد من فصائل المسلحة من السيطرة على محافظة إدلب من قبضة قوات الحكومة السورية ومن ثم تفرد “هيئة تحرير الشام” بالسيطرة على المنطقة بعد معاركها ضد عدد من فصائل المعارضة المسلحة منها “حركة أحرار الشام الإسلامية” و”حركة نور الدين زنكي” في العام 2018.
وتختلف وجهات نظر المدنيين المقيمين ضمن مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” حول مشروع استخراج “البطاقات الشخصية” بين من يراها وسيلة لتسهيل حركة المدنيين وتأمين حمايتهم وتعزيز الدور الحكومي في تنظيم شؤون المنطقة، وبين من يراها طريقة جديدة تتبعها “هيئة تحرير الشام” لسرقة جيوب المدنيين عبر فرض رسوم مالية لاستخراجها، بينما ذهب البعض يرجح بأن هذا المشروع يهدف إلى جمع معلومات دقيقة حول الأجانب المتواجدين في مناطق إدلب وريفها أو ما يعرفون باسم “المهاجرين” والذين يعتبر الكثير منهم مجهولي الهوية ويتنقلون بأسماء وألقاب وهمية دون معرفة أي تفاصيل عنهم، فيما يراها متابعون للشأن السوري بأنها محاولة لتثبيت تقسيم الجغرافية السورية وذهب البعض أبعد من ذلك من خلال الإشارة إلى أن هذا المشروع قد يكون تركياً يهدف لضم هذه المنطقة إلى تركيا.
كما وينتقد البعض حالة الانقسام المناطقي التي حدثت في الشمال السوري حيث أصبحت هناك حكومتين ضمن منطقة جغرافية صغيرة وهما “حكومة الإنقاذ” التابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب وريفها وأجراء من أرياف حلب الغربي وحماة الغربي واللاذقية الشمالي، و”الحكومة السورية المؤقتة” التابعة لما يسمى الائتلاف السوري وفصائله المسلحة التابعة لتركيا في ريف حلب الشمالي، حيث يجد المدنيون صعوبة في التأقلم مع وجود اختلاف طريقة الحكم بين المنطقتين وصعوبة التنقل بينهما بسبب الإجراءات المشددة.