ما أن يهدد أردوغان بشن هجمات جديدة على شمال وشرق سوريا، حتى تبدأ الماكينة الإعلامية التركية وتلك التابعة للمجموعات المسلحة الموالية لها في سوريا، بنشر الأخبار الكاذبة ويرافقها بث الإشاعات بين سكان شمال وشرق سوريا، عبر المتواطئين معها، وذلك لإفراغ المنطقة من سكانها حتى تتحول المدن إلى ساحات عسكرية يسهل استخدام جميع صنوف الأسلحة ضدها.
أطلق الرئيس التركي ومسؤولو حكومته مؤخراً التصريح تلو الآخر بشن هجمات جديدة على شمال وشرق سوريا، رغم عدم ملائمة الظروف الدولية وعدم الحصول على ضوء أخضر روسي أو أميركي لشن الهجمات، وهذا ما كان واضحاً من التصريحات الأميركية والروسية على حد سواء، كان آخرها اليوم على لسان مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في مستهل الجولة الثامنة عشرة لمحادثات أستانا.
وقال لافرنتييف أنه لا يرى الهجوم التركي عقلاني، في إشارة إلى تهور أنقرة ورفضهم لهذا الهجوم، وأكد أن الهجوم سيعقد الوضع السوري، وأوضح أنه ليس هناك صفقة حول أوكرانيا وسوريا، معتبراً الأخيرة أولوية لبلاده في السياسة.
ولكن ما أن انطلقت هذه التصريحات من أردوغان، حتى بدأت الماكينة الإعلامية التركية التي تعتمد على الأخبار الكاذبة أساساً، على نشر أخبار بقرب الهجوم على شمال وشرق سوريا، وفي البداية قالت أن اطلاق الهجوم مسألة أيام، ثم عادت وقالت أسبوع، والآن تتحدث عن إطلاق الهجوم بعد عيد الأضحى، وربما بعد عيد الأضحى ستقول في رأس السنة.
وكل هدف الماكينة الإعلامية التركية هو بث الخوف والرعب في نفوس سكان شمال وشرق سوريا، من أجل دفعهم على الهجرة من مناطقهم حتى تتحول إلى مناطق عسكرية تمكنهم من استخدام مختلف صنوف الأسلحة لتدمير المدن واحتلالها.
فمن لا يتذكر المقولة التي كتبها جندي تركي على أحد البيوت المدمرة في ناحية راجو في عفرين أثناء هجمات تركيا عام 2018، عندما كتب بالتركية “لا أعلم من حرق روما، لكن راجو نحن من أحرقناها”، فالتطور التقني الحاصل يجعل من ارتكاب المجازر مثل القدم أمراً في غاية الصعوبة، فمقاطع الفيديو والتوثيقات التي تصدر منها تستطيع أن تجعل المسؤولين الأتراك يقفون في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الهولندية كمجرمي حرب ويتم الحكم عليهم. وبالتالي إن لم يخرج السكان من منازلهم فأن تركيا لن تستطيع ولن تتجرأ أبداً على ارتكاب الجرائم لأن التوثيقات ستجعل حتى حلف الناتو يتراجع عن دعمها ويتوقف عن توريد الأسلحة لها خوفاً من التورط في الجرائم التي سيتم محاسبة مرتكبيها حتى وإن طال الزمان.
وبالتزامن مع الماكينة التركية، تبدأ الأبواق الإعلامية التابعة لها في سوريا والمرتبطة بالإخوان المسلمين والمجموعات المسلحة، بالترويج لهذه الهجمات وكأن الهجوم واقعاً الساعة، يساعدهم في ذلك ثلة من السوريين الذين باعوا أنفسهم لتركيا، من أنصار الإخوان المسلمين والائتلاف السوري ومن ضمنهم المجلس الوطني الكردي الذي ما زال متمسكاً بعضوية الائتلاف لوجود مستفيدين من بين قياداته الذين يحصلون على الأموال على حساب الشعب وذلك من أجل زيادة أرصدتهم في البنوك.
وينحصر دور هؤلاء على نشر الإشاعات بين سكان شمال وشرق سوريا، عبر شبكات يتم تكليفها بالترويج لهذه الأخبار في الشوارع والأحياء، وذلك من أجل تخويف الشعب ودفعه للهجرة، وأيضاً من خلال بعض الأطراف التي تسهل عمليات التهريب عبر الحدود عبر تهريب الأشخاص بمبالغ قليلة مقارنة بغيرهم من المهربين، ويساعدهم في الطرف الآخر للحدود سواء التركية أو العراقية موالون لهم يتقاضون النقود على عمليات التهريب هذه، ولتحقيق الغاية ذاتها، ألا وهي تفريغ المنطقة من سكانها حتى يسهل السيطرة عليها وتغيير ديموغرافيتها وعفرين ورأس العين وتل أبيض لا تزال أمثلة أمام أعيينا وتؤكد حقيقة المخططات التركية في المنطقة.