قال نصرالدين إبراهيم، سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا إن “مناطق الإدارة الذاتية تشهد استقرارا ملحوظا وتنمية مقبولة مقارنة مع مناطق الخاضعة للنفوذ التركي وما تشهده من فوضى عارمة، نتيجة الانتهاكات الفظيعة بحق الشعب الكردي في كل من سري كانيه وعفرين وكري سبي”.
واعتبر نصرالدين إبراهيم، سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا، في تحليل نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أنه “يمكن الملاحظة وبوضوح انقسام المتصارعين في سوريا إلى معسكر أميركي وآخر روسي، لتصطف خلفهما قوى أخرى عالمية تتخندق حسب مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى الدول الإقليمية، وبالتحديد إيران وتركيا اللتين تتصارعان في المشهد السوري انعكاسا للصراع التاريخي الفارسي والعثماني”.
نصرالدين إبراهيم: سياسة واشنطن تهدف للحفاظ على الواقع كما هو بسوريا
وتابع إبراهيم أن “في خضم ذلك شكلت كل من هذه القوى تحالفات استراتيجية وتكتيكية على الأرض وفي الجوار، بالاعتماد على الدول العربية وعلى القوات المحلية كشريك تنفيذي لمخططات المحور الذي تتبعه، وحيث تجمعهما المصالح والتقاطعات المشتركة أيضا”.
وبالفعل، نجح الكورد في شمال البلاد في تأسيس “الإدارة الذاتية” كمشروع وطني سوري تمكن إلى حد ما من استقطاب مختلف شعوب المنطقة، وذلك بعد تجربتي إقليم كوردستان العراق وجمهورية مهاباد في إيران عام 1946، وتحظى هذه الإدارة بدعم أميركي وأوروبي.
وتجلى هذا الدعم بوضوح فيما قدمه التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعـ.ـش” لهذه الإدارة، عقب هجوم التنظيم على مدينة كوباني في عام 2015، فيما تسيطر القوات الأميركية على منطقة التنف في نقطة تلاقي الحدود العراقية – الأردنية – السورية.
ورغم ذلك لا تزال الحكومة السورية تسيطر على البلاد بشكل متفاوت، حيث لا تزال سيطرته على مناطق مثل البادية في الوسط ودرعا والسويداء في الجنوب رخوة.
ومنذ عام 2015 وحتى الآن ثبّتت روسيا في سوريا موطئ قدم كبير، وبينما جعلت من نفسها طرفا أساسيا في أي مسار سياسي يؤدي إلى الحل، انتشرت عسكريا في مناطق متفرقة أبرزها قاعدة حميميم ومرفأ طرطوس، كما سيطرت على قطاعات اقتصادية رئيسية بموجب عقود طويلة الأمد.
وتتنافس موسكو على النفوذ مع إيران، لكنها لا تزال الشريك الأكبر في التحالف الروسي – السوري – الإيراني. كما أن طموحات موسكو محدودة أكثر من دمشق أو طهران، مما يجعلها أكثر قابلية لحل الصراع حلا تفاوضيا.
صعود جو بايدن إلى الرئاسة الأميركية بعث ببعض التفاؤل لدى السوريين بإمكانية حدوث تغيير، غير أن ذلك يبدو مستبعدا في الوقت الراهن
وقال إبراهيم إن “مناطق الإدارة الذاتية تشهد استقرارا ملحوظا وتنمية مقبولة مقارنة مع مناطق الخاضعة للنفوذ التركي وما تشهده من فوضى عارمة، نتيجة الانتهاكات الفظيعة بحق الشعب الكوردي في كل من سري كانيه وعفرين وكري سبي، وكذلك الرعب الذ تبثه فصائل حـ.ـراس الـ.ـدين وجـ.ـبهة الـ.ـنـ.صرة وخلايا تنظيم الدولة الاسلامية بحق المتخالفين معهم فكرا وسياسة ودينا في تلك المناطق”.
وشدد على أن “الأمر نفسه بالنسبة للمناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، فهي تشهد فلتانا أمنيا وأزمة اقتصادية خانقة، ولاسيما بعد تطبيق قانون العقوبات الأميركي “قيصر”، إلى جانب الخلافات البينية التي تظهر داخل الحكومة نفسه، وبينه وبين حلفائه من الروس والإيرانيين، حيث تتضارب مصالحهما في الكثير من النقاط”.
ورغم الانكفاء الأميركي في المنطقة، إلا أن صعود جو بايدن إلى الرئاسة الأميركية بعث ببعض التفاؤل لدى السوريين بإمكانية حدوث تغيير، غير أن ذلك يبدو مستبعدا في الوقت الراهن، خاصة بعد العملية العسكرية لروسيا في أوكرانيا، ما جعل واشنطن تركز جهودها شأنها شأن حلفائها على محاولة صد هذا العمل العسكري.
وقال إبراهيم إن “من خلال جملة من المعطيات والأحداث على الأرض ومن خلال ملامح سياسة الإدارة الأميركية الجديدة، فإن من المرجح أن تكون المرحلة الحالية والممتدة لفترة ليست بالقصيرة مرحلة الحفاظ على الواقع الحالي كما هو، أي سوريا الدولة واللا دولة في آن واحد، وبتعبير آخر سوريا المقسمة لا دستوريا”.