موجة واسعة من الجدل أثارها إعلان الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري، منح الثقة للدكتور بدر جاموس كمرشح لرئاسة هيئة التفاوض المعارضة، خلفاً لأنس العبدة الذي تنتهي ولايته الثانية في حزيران/يوليو.
وبينما اعتبرها منشقون عن الائتلاف خطوة بالغة الخطورة، “تمثل استمراراً لنهج الاحتكار الذي تتبعه الكتلة المسيطرة، وتنازلاً جديداً لصالح الحكومة السورية” متهمين الجاموس بأنه مقرب من روسيا، رأى آخرون أنها خطوة متوقعة وطبيعية لا تغير من واقع الهيئة شيئاً.
ومن المقرر أن تجتمع الهيئة العليا للمفاوضات في حزيران، للتصويت على مرشح الائتلاف بديلاً عن الرئيس الحالي أنس العبدة الذي يقود الهيئة منذ عام 2020.
ورغم أن ترشيح بدر جاموس لا يعتبر ملزماً لهيئة التفاوض من الناحية القانونية، حيث يشترط النظام الداخلي “حصول الرئيس على أكثرية الأصوات داخل الهيئة” دون تحديد الكتلة التي ينتمي إليها، إلا أن العرف السائد يفرض أن يكون رئيس هيئة التفاوض مرشحاً من قبل الائتلاف. ترشيح يعمق الخلافات بحسب تقرير لجريدة المدن.
واتهم “تيار الإصلاح” الذي يضم شخصيات وتكتلات منسحبة من الائتلاف الوطني، رئيس الائتلاف سالم المسلط ورئيس هيئة التفاوض أنس العبدة، بالتخطيط لتعيين بدر جاموس رئيساً للهيئة منذ أن بدأت إجراءات إقالة الأعضاء المعارضين لهم في شهر نيسان/أبريل.
ووصف بيان جديد للتيار، بدر جاموس بانه “رمز الفساد داخل مؤسسات المعارضة”، واعتبر ترشيحه تجاوزاً لقرارات الائتلاف باستبدال ممثليه في هيئة التفاوض في استحقاق تموز/يوليو، وتثبتاً لسيطرة فريق سالم المسلط وأنس العبدة ومعهم هادي البحرة المعروفة بمجموعة “G4” على مفاصل العملية التفاوضية.
وكان التيار قد تحدث في بيان نشره في نيسان، عن قيام العبدة ومع قرب انتهاء ولايته بتعيين جاموس رئيساً لهيئة التفاوض السورية “في سلوك يكشف عقلية الاستئثار التي تتحكم بمؤسسات العمل الوطني”، بحسب البيان.
ويعتبر رئيس دائرة الاستشارات الإستراتيجية في تيار الإصلاح أحمد رمضان أن ترشيح جاموس غير قانوني بالنظر إلى وجود قرار في الهيئة السياسية يشترط انتخابات ممثلي الائتلاف في هيئة التفاوض في كل دورة انتخابية، أي كل عام وهذا ما لم يتم، ولذا يعتبر أعضاء الائتلاف غير منتخبين الآن ومنهم جاموس والبحرة.
ويقول لـ”المدن”: “هناك مشكلة باتت تعرف باسم تبادل الطرابيش، وتتمثل بتنقل المتنفذين في الائتلاف من منصب لآخر. فرئيس المؤسسة سالم المسلط قام بتعيين نفسه عضواً في الهيئة، وعليه سيصبح جاموس رئيساً له وهو عضو في الائتلاف الذي يرأسه بعد أن يأخذ مكان أنس العبدة، وهؤلاء يتجاوزون النظام الأساسي والقوانين والأعراف من أجل التشبث بمناصبهم واحتكار القرار دون أي اعتبار لاعتراضات السوريين”.
ويضيف أن “إصرار مجموعة انقلاب 7 نيسان على المضي قدماً في إجراءاتها وتلويحها بالأطراف الإقليمية والدولية الداعمة لها يؤكد عدم إمكانية التعايش والعمل معها”، مشيراً إلى اجتماع مقررٍ الشهر المقبل للملتقى الوطني السوري التشاوري الأول بمشاركة واسعة لرسم ملامح المرحلة المقبلة وتنظيم المصالح المشتركة مع الآخرين، “حيث بات الشعور بعدم جدوى المؤسسة القائمة واضحاً، خاصة لجهة ارتهانها للخارج”.
وكانت وسائل إعلامية مقربة من التيار نشرت نقلاً عن مصادر داخل الائتلاف، أنه لم يجرِ أي تصويت في الهيئة السياسية على تعيين بدر جاموس رئيساً لهيئة التفاوض، معتبرةً أن الحديث عن ترشيحه بالإجماع غير صحيح، بينما تم تمرير القرار من قبل المسلط دون الرجوع إليها.
لكن مصدراً رسمياً في الائتلاف أكد ل”المدن”، عقد الهيئة السياسية للاجتماع وطرح اسم الجاموس الذي تمت الموافقة على ترشيحه رئيساً جديداً لهيئة التفاوض العليا، “بالطرق القانونية الموجبة”.
ويقول إنه “تم اختيار جاموس كمرشح توافقي بين كتل الائتلاف، بالنظر إلى طبيعة المرحلة الحالية والمتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية من تقارب تركي خليجي، باعتباره شخصية مقبولة من الدول الداعمة للمعارضة، ومحاولة لإعادة الحضور الخليجي والرياض على وجه الخصوص، إضافة إلى وجود العديد من الملفات المستعصية، بعضها مرتبط بعمل هيئة التفاوض واللجنة الدستورية”.
ويضيف أنه “يحق لكل مكونات هيئة التفاوض التقدم بمرشحين لرئاسة الهيئة، وما جرى هو طرح اسم الجاموس داخل الهيئة السياسية قبل عرضه في اجتماع الهيئة العامة الشهر القادم، للمصادقة عليه كمرشح عن الائتلاف”.
الجاموس اسم اشكالي
لكن الكثيرين يرون أن اختيار جاموس يعمق الخلافات بين قوى المعارضة، ويزيد غضب الشارع السوري المعارض، خاصة وأن الجاموس متهم بقضايا فساد، إضافة إلى ما يشاع عن قربه من روسيا، معتبرين أنه مع وصوله لهذا المنصب سيكون “النظام كمن يفاوض نفسه” الأمر الذي ينفيه الائتلاف بشدة ويتهم المعارضين له بالترويج له.
إلى جانب ذلك، يرى الخصوم أن ترشيح جاموس يمثل تأكيداً على سيطرة كتلة “G4” والتي توسعت اليوم لتصبح كتلة سداسية، على الائتلاف ومؤسسات المعارضة السياسية الأخرى.
وهذه المجموعة تضم: بدر جاموس وأنس العبدة وهادي البحرة وعبد الأحد سطيفو، بالإضافة إلى سالم المسلط رئيس الائتلاف وعبد الرحمن مصطفى رئيس الحكومة المؤقتة.
سبب جديد للانقسام ومادة أخرى مثيرة للجدل داخل المعارضة السورية يقدمها اختيار جاموس كرئيس قادم لهيئة التفاوض التي تعيش منذ 2019 ما يشبه الموت السريري بسبب انسحاب كتل أو تجميد أخرى عضويتها فيها، مثل هيئة التنسيق ومنصتي موسكو والقاهرة.