يزور وزير خارجية تركيا، مولود تشاوش أوغلو، إسرائيل يوم الأربعاء المقبل، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 15 عاما. والتي تعتبر خطوة جديدة في طريق ”التطبيع” بين تركيا وإسرائيل، وبذلك تكون حكومة أردوغان قد لعبت لعبة على الحبلين، بيع الجماعات الإخوانية مقابل مصالحها وتطبيع مع إسرائيل التي كانت تقذفها في كل مرة بأنها دولة إحتلال مقابل التخلي عن دعم الجماعات الإخوانية المتمثلة بحركة الحماس.
حيث سيعقد تشاوش أوغلو خلال زيارته اجتماعا، مع نظيره الإسرائيلي يائير لابيد. وسيناقش الطرفان إعادة تعيين سفيري تركيا وإسرائيل، كما سيخصص الطرفان قسم وافر من الزيارة لموضوع الغاز، وسيرافق وزير الطاقة التركي فاتح دونماز وزير الخارجية.
وكانت أنقر قد أعربت عن رغبتها في التقدم بخطوات سريعة وعميقة في العلاقات، لكن الإسرائيليين طلبوا التريث وجعلها خطوات بطيئة. وفسروا ذلك خلال مداولات داخلية على أنها حذر ضروري حتى لا نقع فريسة لسياسة التقلبات التركية. ومع ذلك، فقد تقرر أن يصل جاويش أوغلو إلى تل أبيب من أجل الاتفاق على عودة السفيرين. ولكونها أول زيارة علنية لشخصية تركية رفيعة المستوى بعد زيارة هيرتسوغ لتركيا.
وترجح الخبيرة الإسرائيلية أن تكون إسرائيل تسعى إلى وقف “التخطيط اللوجستي والعسكري لحماس على الأراضي التركية” في إطار أي تحسين للعلاقات الدبلوماسية مع أنقرة، حيث ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيلية، أن تركيا قامت بطرد عدد من نشطاء حركة حماس خلال الأشهر الأخيرة، ونقلت عن مصدر فلسطيني، أن: «الأتراك قالوا لقيادة حماس، إنه يوجد لديهم مصالح اقتصادية، والعلاقة المتجددة بين تركيا وإسرائيل هي على ما يبدو سياسية».
في حين يرجح محللون أن تكون الاعتبارات الاقتصادية هي وراء السعي التركي للتقارب مع إسرائيل ومختلف القوى الإقليمية الأخرى. فتركيا تعاني من أزمة مالية حادة وبلغ معدل التضخم فيها مستويات قياسية في الآونة الأخيرة.
ورغم أن العلاقات التجارية بين الطرفين ظلت قائمة رغم توتر العلاقات، إلا أن هناك خلافاً بين البلدين حول السياسات المتبعة في شرق المتوسط وتحديداً حول موارد الطاقة في المنطقة. لكن أردوغان أبدى استعداده للتعاون مع إسرائيل في مشروع خط أنابيب للغاز في شرق المتوسط والتي كانت على جدول أعمال زيارة هرتسوغ لأنقرة.
وبعد أن سحبت إدارة بايدن فجأة الدعم الأمريكي لخط أنابيب “إيست ميد” شرق البحر المتوسط، الذي يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى الأسواق الأوروبية، وصف أردوغان بالخطوة الأمريكية بـ”انتصار” وقال: “إذا كان للغاز الإسرائيلي أن يصل إلى أوروبا، فلا يمكن أن يتم ذلك إلا عبر تركيا… ويمكننا الجلوس والتحدث عن الشروط”.
ومشروع “إيست ميد”، الذي وقعته إسرائيل واليونان وقبرص في بداية 2020 بدعم قوي من إدارة ترامب، كان من المقرر استكماله بحلول عام 2025 ليوفر في نهاية المطاف ما يصل إلى 10% من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي. وهذا ما دفع المفوضية الأوروبية إلى إدراج “إيست ميد” في قائمتها لما يسمى بـ”مشاريع المصالح المشتركة”، وهي مشاريع الطاقة ذات الأولوية عبر الحدود والتي تهدف إلى دمج البنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي. ولطالما أعرب مسؤولون أوروبيون عن أملهم في أن يخفض الغاز الإسرائيلي من اعتمادهم على الغاز الروسي، ولذلك فإن أي اتفاق إسرائيلي تركي محتمل حول تصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا سيكون محط اهتمام للأوروبيين أيضاً.
ووسط جهود التقارب بين الطرفين، تتعالى أصوات إسرائيلية داعية إلى “الحذر الشديد من أردوغان”، قال السفير الإسرائيليّ الأسبق في مصر، إسحاق
ليفانون أن “الصعوبة تكمن في أن أردوغان غير متوقع، كما أنّه عندما يوجه انتقاداً لإسرائيل فإنّه يفعل هذا بتطرف كبير ترافقه أكاذيب وإهانات، هذا ما كان في الماضي ولا توجد أي مؤشرات إلى أنه لن يكرر هذا حتى بعد تطبيع العلاقات بين الدولتين”.
وحول دعوة أردوغان لتصدير غاز شرق المتوسط بشكل مشترك مع إسرائيل، حذر ليفانون تل أبيب من “التضحية بعلاقات” مع دول أخرى “لمصلحة أردوغان”، وقال: إسرائيل جزء من منظمة الغاز الشرق أوسطية التي تضم اليونان وقبرص ومصر وبيننا تعاون استراتيجي مهم للغاية، فأيّ منطق يكمن في التضحية بعلاقات ممتازة مع اليونان وقبرص أثبتت نفسها، لمصلحة أفكار أردوغان؟”.
مشاركة المقال عبر